بقلم: *محمد الأمين ولد يحيى
أن تكون حامل شهادة أكاديمية أو دبلوم مدرسي فأنت حامل لفيروس البطالة ومصاب بداء عضال من أمراض السحق الاجتماعي كمرض التهميش ووباء الرق الذي يفصل كل عضو "وطني" عن الآخر، ضحية الميز العنصري الذي يمزق أشلاء المجتمع.
أن تكون حاصلا على ديبلوم في الكفاءة .. فأنت تنتمي إلى عصابة من الصعاليك والمجانين المجاذيب والشحاذين المنبوذين في مجتمع إقطاعي –لا يرحم- يعشق حب المال وجمع الدولارات، ويكره أهل العلم وحملة الشهادات.
أن تكون طالب علم أو تحمل بيدك حقيبة مدرسية فأنت قطعا طفيلي منبوذ لأن صاحب العلم مرده إلى الشارع فتجد نفسك في ساحات من جحيم البطالة مع طائفة من العاطلين عن العمل.
أضحت الشهادات صكوك رق تباع في المزاد العلني كما بيعت ساحة الحشر الوطنية الوحيدة التي كانت متنفسا لأصحاب هذه الصكوك العاطلين عن العمل.
فغدى المدرسون في بلادنا نخاسين والمدارس سوق نخاسة، فمن يدفع نقدا بالمزايدة يستحق "الكفاءة" وينال شهادة الرضا.
* * *
أف لبلد يساوي فيه الجهل الغنى.. والفقر يعادل العلم، فطالب العلم أو الحاصل على شهادة، فما هو إلا عاطل عن العمل لأنه في نظر الجميع معوق أو مختل عقليا أو متشرد.
الوطنية مفقودة عندنا ولا نتمتع بأي حقوق مدنية أو تفاهمية لها، فالصغير منا لا يوقر الكبير، والكبير لا يرحم الأول لأننا عالم من المتناقضات، بالصدفة وجدنا كدولة لا تعطي كل ذي حق حقه لان حق الدولة عليا اشد بأسا أو طاعة من حق الأم ونحن لا حق لنا على الدولة.
نشجب الاسترقاق بيننا وننتقد الميز العنصري والتعصب القبلي.. ولما نكون في صدد إجراء أي انتخابات.. أو ندخل في سباق (للهجن) أو العلم، نكون أشد حمية أو قبلية من العصر الجاهلي، وأشد إقطاعية من العصر الإقطاعي.
* * *
موظف يدخل من خلف باب الإدارة بواسطة وجاهة رئيس قبيلة أو حزب سياسي أو انتماء عرقي، ورئيس يعتلي كرسي الإمارة، بواسطة عصبته القبلية، وآخر ينجح أو يفوز في سباق الماراتون، لأن والده من أقارب سيادة وزير الرياضة.
يا سادتي الكرام هل واحد من بينكم جدير بان يدير مؤسسة أو إدارة شركة ألا بوازع القرابة؟.
هل فيكم موظف واحد اعتلا كرسي إدارة شركته إلا بواسطة ولي أمره؟.
هل تغرفون مديرا كفئا في مؤسسة عين في منصبه إلا بمصافحة رئيس قبيلة، فجرى العرف أننا ننتمي إلى بلد من الأعراق والعواطف السياسية والميز العنصري؟.
ياسادتي كيف نكون نحن المفسدين ونحارب زمرة الفساد وعصابات المجرمين؟.. كيف نتمتع بحقوق المدنيين، وننقلب بدمقرطة حكم العسكر؟
كيف نقبل حكم الشورى في الشرع، ونرضى بحكم العشائر والدكتاتوريين؟، كيف نرفع شعار حقوق الطفل ولا ننبذ الرق واستئصال غرائزنا البدوية؟
أم كيف نقبل الإهانة كموظفين خداما في المكاتب غير عقديين لا يتغاضون حقوق عملهم إلا بعد أن يشيخوا أو ينتقلوا إلى المعاش.؟
* * *
يا تلاميذي الصغار، يا تلاميذ المدارس لا تذهبوا غدا إلى المدرسة ولا تخرجوا إلى البساتين أو تمرحوا فيها فغدا قد تكون دورا للأيتام، فسلموا لأمر الواقع، وسلموا أنفسكم للقدر، فكل شيء مكتوب لكم في اللوح المحفوظ، "سوف تحصلون عليه" هكذا علمونا منذ الصغر ومنحونا شهادة الضياع والبطالة فأصبحنا عاطلين عن العمل فألف يشكرون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق