السبت، 7 مايو 2011

بعد إلغاء شرط إقتران "الإغتصاب بالإختطاف" الإعدام للذئاب



صرخات أنثي بين أنياب ذئب يفترسها أو مجموعة ذئاب جائعة تتناوب علي جسدها‏,‏ ثم تلقي بها حطاما مشوها محملا بخزي وأوزار لم تقترفها‏..‏
لم يكن هذا المشهد وحده ـ رغم بشاعته وتكراره في ريف مصر وحضرها ـ كافيا لإصدار حكم بإنهاء حياة هؤلاء الذئاب, والسبب ببساطة أن المشرع المصري لم يجعل الإعدام ضمن خيارات العقاب المتاحة للقاضي, إلا إذا إقترن الإغتصاب بجريمة اختطاف!
وبالأمس القريب وبعد سنوات طوال من الإنتظار جاء المرسوم العسكري بتعديل في قانون العقوبات يحقق الآمال القديمة, ويستجيب لأصوات العقل والدين والقانون التي ألحت كثيرا من أجل تحقيق أعلي مستوي من العقاب وأيضا الردع لكل الذئاب, وليتجاوب كذلك مع مشاعر الرأي العام التي كثيرا ماأهتزت بقوة لجريمة اغتصاب.
المؤبد.. حد أدني
وفقا للتعديل الجديد الذي خضعت له المادة(267) من قانون العقوبات, لم يعد للاغتصاب عقوبة سوي الإعدام أوالسجن المؤبد(25 عاما) حسبما يقرره القاضي, بينما يصبح الإعدام قرارا وجوبيا في حوالي سبع حالات حددها نص المادة كالآتي:( من واقع أنثي بغير رضاها, يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد, ويعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجني عليها لم تبلغ سنها18 سنة ميلادية كاملة أو كان الفاعل من أصول المجني عليها, أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها, أو ممن لهم سلطة عليها, أو كان خادما بالأجر عندها, أو عند من تقدم ذكرهم, أو تعدد الفاعلون للجريمة).
في حين كان النص القديم للمادة ذاتها خاليا من أي إشارة إلي فكرة الإعدام مهما كانت ظروف المغتصب من حيث ولايته علي الضحية أو كونه من أصولها كما نري في بعض جرائم الآباء غير الأسوياء, أو من المتولين تربيتها والإشراف عليها كالمدرس أو زوج الأم أو من يكفل يتيمة أو فتاة ضالة بمسكنه, أو ممن يتمتع بسلطة تجاهها كأن تكون خادمته مثلا أو عاملة لديه, كما لم يأت ذكر الإعدام حتي لو كانت الفتاة قاصرا( أقل من18 سنة) وكما يشير النص القديم فإن العقوبة لم تكن تتجاوز الأشغال الشاقة المؤبدة25 عاما أو المؤقتة:( كل من واقع أنثي بغير رضاها يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة, فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة) وكانت كل أحكام الإعدام التي شهدها المجتمع المصري علي مدي تاريخه لمرتكبي جرائم الاغتصاب, لابد أن يقترن فيها الاغتصاب بجريمة أخري وهي الخطف كشرط لإعمال المادة(290) من قانون العقوبات ونصها:( كل من خطف بالتحايل أو الإكراه أنثي بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة, ومع ذلك يحكم علي فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا ما اقترنت بها جناية مواقعة المخطوفة بغير رضاها) وكانت هناك أيضا شروط لإعمال الظرف المشدد المنصوص عليه في هذه المادة وهو ماحدث مثلا في جريمة فتاة المعادي الشهيرة التي وقعت أحداثها عام1985 وتم الحكم بالإعدام علي أثنين من المتهمين الستة لثبوت المواقعة مع الخطف.
الزي الخليع ليس مبررا
وجريمة الإغتصاب من أخطر الجرائم وأشدها تأثيرا ليس علي المرأة باعتبارها الضحية وحدها وإنما علي كل من يمت لها بصلة كالأب أو الزوج والأسرة, ولها آثار نفسية قد لا يمحوها الزمن أبدا بالاضافة لما قد ينجم عنها من أطفال غير شرعيين, وإختلاط للأنساب وضياع للشرف وربما تدمير مستقبل الضحية للأبد.. لهذه الأسباب يؤيد المستشار زكريا شلش رئيس الاستئناف بمحكمة إستئناف القاهرة تشديد عقوبة المغتصب, منتقدا ماكان يحدث أحيانا من النزول بالعقاب الي الحد الأدني, أو إستعمال المادة(17) الخاصة بالرأفة وتخفيف العقوبة, التي لا يري لها مبررا علي الاطلاق في هذا النوع من القضايا, فليس ثمة عذر يمكن قبوله من مرتكب هذه الجريمة, أو التعاطف مع المغتصب, مهما قيل عن إرتداء الضحية لزي خليع, أو سيرها في وقت متأخر ليلا, فليس معني هذا أن تكون هناك دعوة لإغتصابها, وحتي لو كانت الضحية سيئة السمعة فالعبرة في هذه الجريمة يكون بتوفر رضاء المجني عليها أو عدم توفره وهو الأمر الذي يجب أن يتحقق منه القاضي.
بالاضافة الي التشديد يري المستشار زكريا وجوب سرعة الفصل في قضايا الاغتصاب, قبل أن ينساها الرأي العام لأن مما يحقق الردع أن يعلم الناس بإعدام مرتكب الجريمة التي لم تغب أحداثها عن أذهانهم بعد. ويؤكد بصفته رجل قضاء باشر العديد من قضايا الاغتصاب أن كل من يقترب من هذه الجرائم وتفاصيلها المؤلمة لا يجد سوي الإعدام قصاصا مناسبا, مشيرا لقصة أستاذة بكلية الآداب التي تعرضت لواقعة خطف وإغتصاب من خمسة أشخاص في بولاق, وكنت وقتها عضوا في دائرة الجنايات المحققة للقضية, وكانت المجني عليها منهارة تماما لدرجة أنه كلما تم استدعاؤها للتحقيق في الجلسات السرية كانت تصيبها حالة إغماء, وكم كان الحكم عادلا بإحالة أوراق الخمسة إلي فضيلة المفتي.
ليست جريمة واحدة
ولكن مامدي توافق التعديل الجديد مع الشريعة الاسلامية ونظرتها لجريمة اغتصاب أنثي؟
الدكتور سعد الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يقول مؤيدا تشديد العقوبة: إننا لو نظرنا لجريمة الاغتصاب من وجهة نظر الإسلام لوجدناها في الحقيقة جريمتين لكل منهما عقوبة حدية فهي أولا جريمة حرابة لإشتمالها علي قهر لإرادة الغير وإكراهه علي أي فعل أو علي الاستسلام للفاعل, وهذا قد يكون عكس الشائع لدي الكثير من أن الحرابة تعني قطع الطريق من أجل المال ولكن الحقيقة أنها قطع الطريق من أجل العرض والدم والنفس كذلك وأي إيذاء يتعرض له الآمنو ن, والعقاب جاء واضحا في النص القرآني: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض وهو مافسره الإمام محمد عبده بأن محاربة الله ورسوله معناها الإعتداء علي شريعة السلم والأمان والحق والعدل وليس معناه محاربة المسلمين كما قال بعض المفسرين وذهب كذلك الي أن الإفساد في الأرض يشمل إزالة الأمن علي الأنفس أو الأموال أو الأعراض, فالفساد عام يشمل القتل والسرقة والخطف والإغتصاب وهو ماتتعرض له حتما الفتاة أو المرأة ضحية الاغتصاب, أما الجريمة الثانية فهي إرتكاب الفاحشة التي جعل الإسلام الموت عقوبة مرتكبها إذا كان محصنا أي متزوجا وذلك في حالة أن يتم بالتراضي فما بالنا بارتكابها بالإكراه!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق