الأحد، 8 مايو 2011

الطوق الوسام





 
الطريقة التي تم بها تكريم أو توشيح "فرسان استحقاق اليوم الوطني" بمناسبة الاحتفال بخمسينية الثامن والعشرين من نفمبر، -الماضي- من قبل رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ليست طريقة اعتيادية في (التوسيم) عبر التاريخ.
بل تشبه إلى حد كبير الطريقة التي تم بها تكريم الباطريارك من قبل سدنة المعبد الروماني، أو تكريم عبدة الأصنام لجبهة بوذا.
إنها نفس الطريقة التي "يعزز" بها العبد أو يكرم من قبل سيده عند المجتمعات القديمة التي تتحكم بنفوذ المستبد، وذلك بوضع وسام "الطوق" أو "القلادة" حول العنق، دليلا على جبروت الحاكم على المملوك، كعلامة تجبره على طاعته وولائه التام لخدمته المستميتة. وهو ما حدث بالضبط في تخليد طقوس أو مراسم عيد الاستقلال الوطني في حفلة الجوق التي نظمها نظمها سادة القصر الرمادي لبعض مماليكه أو سدنته.
فهل هو إذن الاستغلال، بعد الاستقلال، وإعادة تجديد الاستبداد والرق من براثين دولة كانت خاضعة للحم العسكري وهمجية الاستعمار؟
أم كيف يتم تكريم الضباط بطريقة "محترمة" كحلمات لأوسمة معلقة على شكل أزرار؟، ويتم توشيح العلماء الأفاضل برباط حول العنق، أو لنقل الرقبة، وهي عادة سيئة عندنا في موريتانيا لكل عقد أو قلادة تعلق نحو الرقبة، أو كل ما يوضع حول العنق ولو كان حرزا من الشيطان، أو قلادة تمر.
ألا يعتبر هذا الإجراء فعل تحد وسخرية وازدراء لعلمائنا الأفاضل، وجهابذة فكرنا الوضاء؟.
أم أن هذا (الطوق الوسام) هو عبارة عن استغلال لهؤلاء العلماء في يوم ذكرى الانعتاق والحرية في استقلال موريتانيا وتحريرها من جبروت كبلاني وأعوانه الأشرار؟
أليس هذا الوشاح أو "التوشيح" دليلا ملموسا للذل والخضوع تحت لواء الحاكم الآلهة وطريقة لـ"كسروية معاوية"؟.
 أليس هذا الطوق مجرد رق صك عبودية لنظام الحاكم الأوحد، ولو كان قلادة تمر كما كان يفعل أجدادنا في الماضي.
أما إذا كان الجميع يستحق فعلا هذا التكريم الكبير فذلك لأنهم أبطال "إستحقاق" وطني نعترف لهم بالفضل علينا، وتجلهم العباد والبلاد قبل أن يكونوا في أحضان التاريخ. لكن الذي لا نعترف بوطنيته علينا أو لا نعرف له زيادة علينا في الدين نجله، إلا إذا كان في دين الملك، أو حبا للوطن أكبر من جبنا له نعظه به، هو التكريم الذي نالته مؤسسة إعلامية "خارجة" على ارض الوطن وليست مؤسسة وطنية نعترف لها بالتضحية والجميل والوطنية علينا جميعا.
فعلى أي فضل أو مصداقية، أو أساس يستحق مدير هذا المكتب الإشادة، أم أنه تواطأ مع النظام على استعباد هذا الشعب المسكين الضعيف وتهميشه وتغييب صورته أمام الرأي العام والأسرة الدولية.    
--------
كتبت في زاوية: "حروف ونقاط"
في مناسبة الاحتفال بخمسينية عيد الاستقلال الوطني الذي أقيم في القصر الرمادي بنواكشوط ووشح فيه بعض الشخصيات الوطنية، والرموز الدينية في البلد.   
----------
بقلم/ *محمد الأمين ولد يحيى
البريد الالكتروني: yahyawi@maktoob.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق